كان الحسن بن هانيء المعروف بأبي نـُواس من أشهر الشعراء في العصر العباسي
ويقال : بأنه كان مسرفا ً على نفسه في المعاصي والآثام
وكان له صديق اسمه محمد بن نافع الواعظ – من أهل الصلاح - قال :
لما بلغني موتُ أبي نواس أشفقتُ عليه ، فرأيته في المنام
فقلتُ : يا أبا نواس ، فقال : لاتَ حين كناية
فقلتُ : الحسن ، قال : نعم ، قلتُ : ما فعل اللهُ بكَ ؟
قال: غفر الله لي ، قلتُ : بأيِّ شيءٍ ؟
قال : بتوبة ٍ تـُبتـُها قبل موتي ، وبأبيـــاتٍ قلتـُها
قلتُ : أين هي ؟
قال : عند أهلي ، فسرتُ إلى أمه ِ
فلما رأتنـي أجهشتْ بالبكاء ، فقلتُ لها إني رأيتُ كذا ..
فهدأتْ ، وأخرجتْ لي كتابا ً ، فوجدت ُ بخطـِّه ِ قوله :
يا ربِّ إنْ عـَظـُمتْ ذنوبي كثرة ً *** فلقد علمتُ بأنَّ عفوكَ أعظــمُ
إنْ كانَ لا يرجوكَ إلا مـُحســـن ٌ *** فبمـَنْ يلوذ ُ ويستجيرُ المجـرمُ
أدعوكَ ربـِّي كما أمرتَ تـضرُّعا ً*** فإذا رددتَ يدي فمنْ ذا يرحـمُ
ما لي إليكَ وسيلة ٌ إلا الرَّجـــــــا *** وجميل ظنـِّي ثمَّ أنيَّ مـُســـلم
و كما أسلفت عرفنا أبا نواس بالمجون و الخمر
ولا شك بأنه كان علمها، ورائدها
وكان شعره أكبر دليل على ذلك
فقد كان يجتهد ويتكلف في انتقاء ابلغ الألفاظ، وأجمل البحور
تفنن في غيّه.
لكن الكثير من الناس لايعلمون بتوبته فقد ذكر لنا في أكثر من موضع انه تاب إلى الله عز وجل ، بل حسنت توبته.
و إليك بعض من أشعاره الأخرى في التوبة :
تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات بأحداقٍ هي الذهب السبيك
وقال:
يا نواسي توقّر أو تغيَّر أو تصبَّر
إن يكن ساءك دهر فلما سرَّك أكثر
يا كثير الذنب عفو الله من ذنبك أكبر
وقد قيل أنها كتبت هذه الأبيات الثلاثة على قبره
وقد قيل كان نقش خاتم ابي نواس:
تعاظمني ذنبي فلما قرنته
بعفوك ربي كان عفوك أعظما
وأضيف نموذجا آخر من شعر أبي نواس في الزهد التي أظهر فيها توبته:
دب في السقام سفلا وعلـوا
وأراني أموت عضوا فعضوا
لهف نفسي على ليال وأيـام
تجاوزتهـن لعبـا ولهـوا
وأسأنا كل الإساءة يـا رب
فصفحا عني إلهـي وعفـوا
والحمد لله رب العالمين